Sunday, June 03, 2012

رد على سفير أذربيجان لدى الكويت


بقلم: آرا سركيس آشجيان
يريفان، أرمينيا



كالعادة، يلجأ السفراء الأذربيجانيون إلى قلب الحقائق في شأن الصراع في إقليم آرتساخ-ناغورني كاراباخ.  قبل كل شيء، أود أن أوضح أنه ليس صحيحاً "أن الأرمن مروا بكاراباخ ووضعوا تمثالاً لهم عن 150 سنة من مرورهم" فيها، إذ أن إقليم آرتساخ-ناغورني كاراباخ تاريخياً كان جزءاً لا يتجزأ من أرمينيا التي كانت موجودة منذ الألف الأول قبل الميلاد، بحسب الوثائق التاريخية والجغرافية، في حين تم وضع اسم (أذربيجان)، لأول مرة كدولة على الخريطة في عام 1918، من قبل الأتراك العثمانيين، وتوافق ذلك مع المصالح البريطانية في المنطقة لخلق حاجز أمام روسيا يحول دون وصولها إلى المياه الدافئة وحقول النفط الغنية في مدينة (باكو) عاصمة أذربيجان.
 وتعلن جمهورية أذربيجان الحالية ذاتها أنها تكمل جمهورية أذربيجان لعام 1918، والتي كانت لا تضم هذا الإقليم الأرمني، إلى جانب إقليم ناخيتشيفان الأرمني.
وحق لإقليم آرتساخ-ناغورني كاراباخ، بحسب الدستور السوفييتي الذي عدل عام 1990 في عهد الرئيس غورباتشوف، إجراء استفتاء شعبي ونيل الاستقلال إذا رغبت أكثرية الشعب في ذلك. وقد تم الإعلان عن جمهورية آرتساخ-غاراباغ الجبلية (ناغورني كاراباخ) في 2 أيلول-سبتمبر 1991 (بعد إعلان أذربيجان في 31 آب-أغسطس 1991 الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي)، وأجري استفتاء في الإقليم في 10 كانون الأول-ديسمبر 1991، بحضور مراقبين من الاتحاد السوفييتي السابق والعالم، صوت فيه 82 بالمائة من السكان إلى جانب استقلال الجمهورية عن أذربيجان.
لذا، لم تحتل أرمينيا الإقليم، بل أن القوات الأذربيجانية هي التي قامت بالعدوان على جمهورية كاراباخ الجبلية بقصد تهجير سكانها وإبادتهم، كما أشارت إلى ذلك التصريحات العلنية للمسؤولين الأذربيجانيين أنفسهم. وتحتل أذربيجان أراضي تابعة لجمهورية آرتساخ-ناغورني كاراباخ في منطقتي مارتاكيرت وشاهوميان، إلى جانب إقليم ناخيتشيفان الأرمني الذي منحته السلطات السوفييتية أيضاً إلى أذربيجان في عام 1921 إرضاء لتركيا الكمالية.
ودافع السكان الأرمن في جمهورية آرتساخ-ناغورني كاراباخ عن أنفسهم وحقهم في تقرير المصير، وهو مبدأ معترف به دولياً، بقواهم الذاتية عبر عمليات جيش الدفاع الذاتي المشكل من سكان الإقليم في مواجهة سياسة التمييز العنصري والإبادة التي انتهجتها أذربيجان منذ ضم الإقليم إليها في عام 1921، بقرار من الزعيم السوفييتي ستالين، وحتى التحرير.
وتواصل أذربيجان إطلاق التهديدات بمواصلة العمليات العسكرية ضد الإقليم لترحيل السكان الأرمن عنه بمؤازرة الحليف الاستراتيجي تركيا. وترتبط أذربيجان بعلاقات اقتصادية وسياسية واستخباراتية وتسليحية وثيقة بإسرائيل، وتشهد قمعاً للصحافيين وحقوق الإنسان والحريات الأساسية للشعوب القاطنة في أذربيجان.
وبقدم السفير الأذربيجاني تفسيراً مضحكاً وتسويغاً للعلاقات مع إسرائيل التي بدأت قبل عدوان القوات الأذربيجانية على جمهورية غاراباغ الجبلية في عام 1992، ويصور إسرائيل على أنها الدولة التي تقدم الأسلحة للدول التي تدافع عن نفسها. وهذه الأسلحة هي ليست فقط للاستخدام ضد أرمينيا وغاراباغ، إذ أن فيها معدات تستخدم في البحر، لذا ستستخدمها أذربيجان في أسطولها في بحر قزوين ضد إيران أو تركمنستان، علماً أن لأذربيجان صراع مع هاتين الدولتين على حقول النفط في بحر قزوين.   
وبدعي السفير الأذربيجاني أن العلاقات بين أذربيجان وإيران هي ودية، وهي ليست كذلك، كما أبرزت ذلك الصحافة العالمية. ولأذربيجان مشاكل مع جميع الدول المجاورة، وآخرها جورجيا.
إن سياسة أذربيجان تقوم على أساس تزييف التاريخ وسرقة التراث الثقافي والحضاري للشعب الأرمني لتسويغ عدوانها وغزوها لأراضي أرمينيا التاريخية. كما أن لأذربيجان أطماع في الأراضي لجمهورية أرمينيا الحالية بإطلاقها لتسمية (أذربيجان الغربية) عليها، فضلاً عن الأطماع في إقليم (أذربيجان)، وهو إقليم (أتروباتين) تاريخياً الواقع إلى الشمال من جمهورية إيران الإسلامية، وإطلاقها لتسمية (أذربيجان الجنوبية) عليها !! 
وتحاول أذربيجان وتركيا تغيير الإطار لحل الصراع من مجموعة (مينسك) التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا المكلفة بإيجاد السبل للحل السلمي للصراع في آرتساخ-ناغورني كاراباخ، والتي ألمت بجميع تفاصيل الصراع منذ تشكيلها في العام 1992 لحث الأطراف المتنازعة للوصول إلى حل سلمي من خلال المفاوضات، تغييرها إلى الأمم المتحدة، لمجرد أن الحلول المقترحة من قبل هذه المجموعة لا تعجب أذربيجان، التي تتهم الدول المناوبة لرئاسة المجموعة بالانحياز إلى جانب أرمينيا. وتوافق أرمينيا على حل مسألة غاراباغ على أساس المبادئ الدولية الثلاثة: حق تقرير المصير، ومبدأ وحدة وسلامة الأراضي، وعدم استخدام القوة، في حين تصر أذربيجان على حل المسألة على وفق مبدأ واحد فقط من هذه المبادئ، وهو مبدأ وحدة وسلامة الأراضي.  
وذاقت القوات الأذربيجانية في عدوانها على جمهورية كاراباخ الجبلية مرارة الهزيمة العسكرية المنكرة على يد المقاتلين الأرمن الأشداء، بسبب إيمان الأرمن بعدالة قضيتهم وتفانيهم في الدفاع عن مدنهم وقراهم، في حين لاذ الأذربيجانيون بالفرار من ساحة المعركة، على الرغم من تفوقهم الكبير على الأرمن في العدد والعدة والسلاح، فضلاً عن قتال المرتزقة من الروس والأوكرانيين والأفغان والشيشان والأتراك والفرقة 23 من الجيش السوفييتي الرابع إلى جانب الأذربيجانيين.
وقد قاتل الأرمن في اقليم آرتساخ-كاراباخ الجبلية بأسلحة بسيطة في ظل الحصار البري والجوي المفروض على الإقليم، وكان المصدر الوحيد لسلاحهم هي الأسلحة الأذربيجانية التي كان يتم الاستيلاء عليها كغنائم في الحرب. ولم يكن الإقليم يملك حدوداً مع أرمينيا في ظل سيطرة القوات الأذربيجانية عليه، وسيطرة رجال المهمات الخاصة (الاومون) الأذربيجانيين على مطار (ستيباناكيرت) في خوجالي، وهي كانت وسيلة الاتصال الوحيدة بين الإقليم والعالم الخارجي، حتى 26 شباط-فبراير 1992. وتم كسر الحصار البري المفروض على الإقليم وربطها بأرمينيا بعد تحرير مدينة (شوشي) في 9 أيار-مايس 1992، وفتح ممر (لاتشين) للاتصال مع أرمينيا في 18 أيار-مايس 1992.  
وأخيراً، كيف يمكن أن تؤيد أذربيجان القضية الفلسطينية، وهي في الوقت ذاته تقيم علاقات تحالف استراتيجي وثيق مع إسرائيل في المجالات كافة ؟!




0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
p--cmYrAD_e345B