Tuesday, December 05, 2006

مقالات لكتاب أتراك تخالف الرواية الرسمية التركية للإبادة الأرمنية 5

"المؤرخ مراد بارداكجة يرى الألمان وراء مزاعم الإبادة الأرمنية"


نشرت صحيفة (مرمرة) الصادرة باللغة الأرمنية في اسطنبول[1] في 6 حزيران-يونيو 2005 مقالة تحت عنوان: "المؤرخ مراد بارداكجة يرى الألمان وراء مزاعم الإبادة الأرمنية"، جاء فيها:
"ضيَّف الكاتب في صحيفة (راديكال) نيشي دوزيل في عموده في الصحيفة هذا الأسبوع مؤرخاً يدافع عن آراء متناقضة هو الكاتب في الصحيفة ذاتها مراد بارداكجة. وجرى الحديث عن قضية الإبادة الأرمنية، وقد رفض بارداكجة بشدة اتهامات الإبادة، وتناول مسألة التهجير بالبقاء في الدائرة الضيقة لوجهة النظر الرسمية، إلى درجة اضطر معها نيشي دوزيل إلى إظهار التحفظ كل مرة وإظهار معارضته في الرأي. ولا تحمل إجابات بارداكجة أي جديد، ما عدا نقطة واحدة، وهي إصرار بارداكجة على أن ألمانيا هي التي تقف وراء مزاعم الإبادة الأرمنية، وهي التي تقدم المساعدات المالية للمهجر (الأرمني) والمؤرخين الأجانب الذين يتبنون مواقف مؤيدة للأرمن، لأن ألمانيا (بحسب بارداكجة) لا تريد أن تبقى وحيدة في جريمة الإبادة، أي أنها تريد أن ترى تركيا إلى جانبها كدولة ارتكبت الإبادة، على الرغم من أن سلطات الاتحاديين في الدولة العثمانية كانت قد حصلت أيضا على موافقة ألمانيا على أعمال التهجير قبل تنفيذها".
وأضافت الصحيفة:
"ويسوغ مراد بارداكجة بشكل كلي أعمال التهجير ويعدها شرعية، حتى أنه يعد طبيعياً جداً الجرائم المرتكبة خلالها، لأنه يعزو كل ذلك إلى أعمال التمرد التي قام بها الأرمن. وكان للسلطات والشعب في الدولة العثمانية[2] غضب شديد بسبب أعمال التمرد تلك، لأنه في ظروف الحرب كان الأرمن يطعنوهم من الخلف. وقال بارداكجة أنه برغم عدم رغبته في استخدام تعبير –الطعن من الخلف- إلا أنه مضطر لاستخدامه".
وتابعت الصحيفة القول:
"إن مراد بارداكجة الذي أثار في الآونة الأخيرة غضب المحافظين بنشره مضمون دفتر طلعت باشا ذي الغلاف الأسود، يريد هذه المرة موازنة وجهات نظره وتحميل الأرمن المسؤولية الكاملة لما جرى، وقد أرادوا (بحسبه) إقامة دولة في الأناضول. ولا تأتي إجاباته واضحة تماماً عندما يوجه له نيشي دوزيل أسئلة صعبة، منها، على سبيل المثال، عندما يُسأل: لماذا تم التهجير أيضاً من الولايات الغربية التي لم تشهد أعمال تمرد، أو ماذا حدث لممتلكات الأرمن المهجّرين، أو لماذا لم يتم تهجير الأرمن من اسطنبول أيضاً عندما يزعم حدوث أعمال تمرد وإرهاب فيها، أو ماذا كان الغرض الحقيقي لطلعت باشا عند اتخاذه لقرار التهجير، وماذا حدث للمفكرين المعتقلين في اسطنبول. إن وجهة نظر بارداكجة تتلخص في أنه تم اعتقال 200 مفكر من اسطنبول، والذين كانوا جميعاً أعضاءً في حزب الطاشناق أو كانوا متمردين سياسيين. وقد عاد من هؤلاء كوميداس[3] فقط بفضل مساعدة (الكاتبة التركية) خالدة أديب، وفي حالة فقد فيها توازنه العقلي. ويبدو أن بارداكجة يقبل بحقيقة أن جميع المفكرين قد قتلوا، بيد أنه لا يظهر أي تحفظ أو انتقاد لذلك. ويتبنى بارداكجة الموقف ذاته عندما يسأله نيشي دوزيل: هل من الصحيح تهجير المواطنين الأبرياء، كالأطفال وغيرهم، الذين لم يثبت ارتكابهم لأي ذنب ؟ ويرى بارداكجة هذا القرار صحيحاً، لأن هؤلاء (في رأيه) كانوا يمثلون "الخطر المحتمل" !![4] ويضطر نيشي دوزيل إلى طرح السؤال: كيف يمكن لحكومة قوية أن لا تمتلك القدرة على حماية مواطنيها الأبرياء أيضاً ؟".
وفي نهاية اللقاء جرى الحديث الآتي:
"قال نيشي دوزيل لبارداكجة: إنني، بوصفي أحد زملائك الذي سيبحث دائماً عن الحقائق التاريخية، سأوجه لك سؤالاً آخر: في حال حدث للأتراك ما حدث للأرمن عام 1915، هل كان في مقدوركم حينذاك أن تعدون عمليات القتل طبيعية، وهل كنتم ستنسون كل ذلك؟".
وكان جواب بارداكجة الأتي:
"مهما تتطور العلاقات بين تركيا وأرمينيا، لا يمكن مسح أحداث الماضي من ذهن الأرمن أو الأتراك. ومن وجهة نظر الجانبين، وقعت أحداث سيئة، وهذا هو الجانب النفسي للمسألة. وتملك المسألة أيضاً جانباً سياسياً والتي يتطلب حلها توجهان، الأول: قبول الأرمن بأنهم ضربوا تركيا من الخلف، ولكنهم لا يستطيعون قبول ذلك. وفي مقابل ذلك، لا تستطيع تركيا القول: أنت ضربتني من الخلف، وأنا قمت بتصفيتك. أما المتوفون، فقد توفوا وانتهى أمرهم، ويمكن للطرفان أن يكررا هذا القول بعد مئات السنين. إن القضية الأرمنية، بالنسبة لبعض الدوائر، هي مصدر عيش وشهرة، وإن الأرمن في المهجر سيعارضون الحل، لان هنالك من يكسب مالاً من هذا العمل. وعندنا أيضاً سيتواجد أناس يعارضون الحل، لأنهم يستلمون مالاً لهذا العمل من التخصيصات السرية لرئاسة الوزراء، ومن هنا وهناك، ومن بعض التمويل الحكومي ويقومون بالنشر من دون أن يؤدوا عملاً ما" !!
وهنا نقول: إن بارداكجة لم يجب عن تساؤل دوزيل في إمكانية اعتباره عمليات القتل طبيعية في حال حدث للأتراك ما حدث للأرمن عام 1915. كما أن بارداكجة يساوي ما بين الجلاد والضحية، وينكر الحقيقة التاريخية للإبادة الأرمنية، ولا يذكر الحل لهذه المسألة، والذي باتت دول عديدة في العالم، وفي مقدمتها دول الاتحاد الأوروبي تطالب تركيا اتخاذه لحل هذه المسألة، وهي التصالح مع الماضي والاعتراف بالإبادة الأرمنية والتنصل من أعمال السفاحين من زعماء حزب الاتحاد والترقي بحق الأرمن وجميع شعوب الدولة العثمانية، فضلاً عن التعويض المادي والمعنوي لورثة الضحايا وإرجاع الأراضي والممتلكات الأرمنية إلى أصحابها الشرعيين.


[1] http://www.normarmara.com/lur.html
[2] لم يكن هناك شعب عثماني، بل مجموعة من الشعوب هم: الأتراك والأكراد والأرمن والعرب واليونانيين وغيرها. ويحكم الدولة العنصر التركي، الذي كان يشكل 6 ملايين فقط من مجموع 30 مليون نسمة في الدولة العثمانية بحسب تقارير السفراء الأجانب المعتمدين في اسطنبول آنذاك، يحكمون من خلال السيطرة على الجيش.
[3] هو كوميداس الراهب (1869-1935) من أشهر المؤلفين الموسيقيين الأرمن في العصر الحديث. وقد أثرث فيه ظروف اعتقاله، فاختل توازنه العقلي حتى توفي في إحدى مصحات باريس عام 1935.
[4] أي عقلية جرائمية يملكها هذا الشخص الذي يدعي أنه مؤرخ ويرى قتل الأطفال صحيحاً، لأنهم يمثلون "الخطر المحتمل" !! ولا يحمل مثل هذه العقلية غير الاتحاديين والنازيين والصهاينة والسفاحين. بئساً لهؤلاء كلهم الذين لا ينتمون للجنس البشري.

0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
p--cmYrAD_e345B